Professional Documents
Culture Documents
تـــقديم
لقد شكل المجتمع النأدلسي – كما هو معروف -نأموذجا فريدا لتعدد العنأاصر والعأراق
والثقافات ،عأرب وبربر صقالبة ومستعربون ،يهود ومسيحيون ومسلمون...
كلها أجنأاس تعايشت وثقافات تفاعألت فيما بينأها وامتزجت إلى درجة يصعب فيها فصل الخيوط وإرجاع
الروافد الثقافية إلى أصولها الحادية ،لدقة التقاطعات والتعالقات النأصية.
إن التعايش بين النأدلسيين والمسلمين والمسيحيين والسبان واليهود ،ولد ثقافة مشتركة وموروثا شعبيا
تتداخل فيه المكونأات العربية والسبانأية السلمية والمسيحية والذي يبرز في الحتفال ببعض العأياد
المشتركة وفي الغأانأي والشعار الشعبية في التراث عأموما وفي اللغة المشتركة.
وفي هذا الصدد يقول العالم الفيلولوجي خوليان ريبيرا" :إن تعايش شعبين أزيد من ثمانأية قرون لبد أن
يخلق لغة مشتركة يتفاهمون بها".
وقد لقيت نأظرية خوليان ريبيرا في القول بوجود لغة شعبية مشتركة في النأدلس بين المسلمين
والمسيحيين صدى واسعا لدى معظم الباحثين ،عألى راسهم العالم اللغوي فدريكو كوريينأتي ،وقد لعبت
الغأانأي والحكايات الشفهية دورا كبيرا في ذلك ،إضافة إلى انأتشار الزجل ،خاصة أزجال ابن قزمان
ومدغأليس.
ويعد الشعر الشعبي الثغري المعروف بالغأانأي أو القصائد الثغرية أو أنأاشيد الحدود الخلصة
الفنأية والرمزية لهذا المزيج المركب في المجتمع النأدلسي ،وهو أكثر أشكال التعبير الفنأي تميزا لما
1
يتجلى فيه من تفاعأل مع ثقافة الخر وحوار معه وتواصل.
تسعى هذه المداخلة
أول :إلى التعريف بما اصطلح عأليه بالقصائد الثغرية أو أنأاشيد الحدود romances
fronterezosوبأهميتها.
ثانأيا :عأرض مظاهر التفاعأل بين هذه النأاشيد والزجل النأدلسي المغربي وحضور العنأاصر
العربية فيها.
ثالثا :الكشف عأن أشكال وقنأوات التواصل بين الشعبين النأدلسي والسبانأي
- 1انأظر تاريخ الفكر لنأخل بالنشيا ،وتاريخ الدأب النأدلسي لحإسان عباس.
1
رابعا :البحث عأن أوجه العلقة بين مصطلحي القصائد الثغرية والزجل من خلل عأرض آراء
الباحثين مع إجراء مقارنأة بينأهما وبين ملعبة الكفيف الزرهونأي .لنأنأتهي إلى تقديم بعض الستنأتاجات
والخلصات العامة.
مصطلح أناشيد الحدود:
-التعريف ،النأشأة والهمية.
أنأاشيد الحدود أو القصائد الثغرية أو ما اصطلح عأليه بالسبانأية بـ romances
fronterezosهو شعر شعبي عأبارة عأن أنأاشيد وقصائد مجهولة القائل تنأاقلها الرواة ،تنأشد بلغة
قشتالية تتخللها كلمات وتعابير وأسماء عأربية ،تغنأى في كثير من الحيان ،ولدلك يطلق عأليها أحيانأا
أغأانأي الحدود.
منأشأ هذه النأاشيد عألى الخصوص في الثغور والحدود السلمية المسيحية ،ثم يتنأاولها
المنأشدون وتنأتشر بين الشعب بسرعأة فائقة ،من هنأا اكتسبت مصطلح أنأاشيد الحود أو القصائد الثغرية.
كانأت هذه القصائد غأالبا ما تتداخل في العصور الوسطى مع أجنأاس أدبية أخرى ،وهي تعنأي كل
ما هو عأامي وشعبي vielgarمقابل أو ضد الفصيح cultoلكن بعد أواخر القرن الرابع عأشر
2
ومنأذ القرن الخامس عأشر اتخذت شكل أدبيا محددا.
وعأن منأشأ هذه القصائد يقول المستعرب خوسيه مارية فورنأياس" :هي قصائد تعتمد التاريخ
كقاعأدة قيلت في ظرفيات ومنأاسبات محددة ،شكلت بمعمارية وتشكيل هائل ودقيق كما تمتاز بروح
1
وطنأية بارزة".
ويضيف ":وبهذا فإن رومانأثيات الحدود ،تكون نأواة أولية للتقاليد الشعرية ،مثلها مثل شعر "
المفاخر" GESTASالتي تحولت إلى " إخباريات" وتاريخ GRONICASثم إلى القصائد الحدودية ومن
2
جنأسها تولد الرومانأثي الموريسكي".
ومن المثير للتأمل أن هذه الشعر الثغرية الشعبية ل تمثل روح الشعب السبانأي )النأدلسي(
فحسب بل تمثل روح الشعبين النأدلسي المسلم والمسيحي.
وقد تفطن إلى هذه الظاهرة الباحثون منأذ القديم ،فحسب فون شاك أن "الحقيقة التي يمكن أن
تدركها أن المسيحيين السبان الذين كان عأليهم أن يكونأوا ممتلئين بالفخر والعأتزاز بسبب النأتصارات
1
عألى أعأدائهم ،تحولوا بالعكس من ذلك إلى صدى لحسرات الشعب المغلوب"...
من هنأاك ،يضيف شاك ،يمكن القول إن الشعراء السبان وضعوا قصائد شعبية عأربية بواسطة
2
الموريسكيين ثم حولوها إلى رومانأثيات.
2
-1فورنأياس " :أغانأي الحدودأ والشعر العربي" ضمن كتاب جماعي ،من إصدارات جامعة غرنأاطة قسم الدراسات السامية ،سنة /1997ص.195.
2 2
نأفس المرجع- .
1
أغانأي الحدودأ والشعر العربي " ،مرجع مذكور ص - 212.1
2
2
كما أن هذه القصائد أو الملحم التي تصور بعض أحداث الصراع بين الطرفين أو بعض البطولت
تبرز روحا عأالية من التسامح إزاء الخصم المنأهزم و التعاطف معه بل وتمجيده أحيانأا أو تصوير
فروسيته ونأبله ) بنأوسراج مثل(.
وهي ظاهرة خاصة في القصائد الثغرية الموريسكية ) أنأشودة رضوان ،أنأشودة ابن الحمر،
أنأشودة ياللحامة( وفي هذا الصدد يقول د .حسين مؤنأس معلقا عألى " أنأشودة ابن الحمر" التي تصور
الصراع بين المسلمين والمسيحيين في آخر العهد الغرنأاطي " :إنأها تصور هذا الصراع في صورة
أسطورية ،فياضة بالجمال والقوة ،ومن الطريف أن هذه النأاشيد تعطي المسلمين حقهم من المديح في
كثير من الحيان.3
3
وقد اعأتاد كل من الشعراء الجوالين Juglaresالذين تغنأوا بأحداث حروب غأرنأاطة والجمهور الذي
ردد وأتقن ما تغنأى به هؤلء الشعراء عألى شكل القصيدة الشعبية وما تميزت به من اليجاز والوحدة
المستقلة لكل قصيدة ،وتغير الرواة والطابع الغنأائي.
1
إن هذه القصائد الشعبية الصغيرة ل يمكن تقسيمها إلى مجموعأات.
4
،Pidalفتمة تعاطف قوي مع الشعب النأدلسي من طرف نأاظمي هذه القصائد ،رغأم الصراع السياسي
الموجود بين الجانأبين...
وعأن هذا التداخل والتواصل الفنأي بين العنأاصر العربية والقشتالية تقول الباحثة صوليدا
كراسكو":وبفضل الرشاقة في السلوب ،ل يقلل التداخل الواضح في اللوان من جمال الصور الجنأبية
السبانأية ..سواء كانأت مصارعأة للثيران أو صورة للفارس المسلم اللمع وهو يمتطي جوادا أنأدلسيا
2
وسط بريق السلحة والملبس الموريسكية".
كما أن الخرجات العأجمية الرومانأثية التي تختتم بها الموشحات النأدلسية ،دليل آخر عألى هذا
التداخل اللغوي والدبي عألى المستوى الشعبي.
وهذا ما يؤكد أن العلقة بين الشعر الشعبي الغرنأاطي وقصائد الحدود الرومانأثية قوية جدا.
قنوات التواصل:
إن تعايش شعبين أزيد من ثمانأية قرون لبد أن تؤثر ثقافة أحدهما في الخرى ،وهذا هو المر
الطبيعي ،بل ما هو غأير طبيعي حسب ريبيرا أل تكون لهذا الشعب النأدلسي لغة مشتركة وثقافة
مشتركة.
-فما هي قنأوات التواصل الدبي والثقافي بين الشعبين المسيحي والمسلم؟
-هنأاك قنأوات عأديدة ،إضافة إلى الحتكاك اليومي العادي ،نأذكر بعضها فيما يلي:
أول :منأطقة الحدود المسيحية السلمية ،حيث يتم الحتكاك المباشر وحيث موطن التأثير والتأثر أسرع،
لنأقل ثقافة الخر.
وتذكر المستعربة السبانأية المعاصرة M.J.Rubieraفي مؤلفها الهام " :الدب النأدلسي "
Literatura Hispano-arabeأن الحتكاك كان واسعا ،خاصة عألى الحدود وبواسطة القنأاة الشفوية
بالدرجة الولى.1
ثانأيا :دور المدجنأين والموريسكيين:
ويبدو أن النأقل الشفوي قد وجد طريقه لنأقل الثقافة العربية إلى السبانأية بواسطة المدجنأين Los
، Modejaresوالموريسكيين والمسلمين الذين أرغأموا عألى التنأصر في النأدلس ،خاصة أواخر العهد
الغرنأاطي..
وتذكر الباحثة عألى سبيل المثال ،أولئك الموريسكيين أصحاب الفنأادق عألى الحدود أو طرق
المسافرين ،فإن هذه المهنأة كانأت تتيح لهم فرصا أكثر لللتقاء وقص الحكايات وسرد الحداث وهم
1
متحلقون حول النأار التي يوقدونأها في الليالي الباردة لتدفئة المسافرين المختلطة ديانأاتهم وأعأراقهم.
5
كما أن الخادمات والجواري الموريسكيات اللواتي يشتغلن في بيوت المسيحيين كمربيات
للطفال ،وما يحكينأه لهم من قصص وحكايات في تلك البيوت ..كل ذلك كان له دور في نأقل ثقافة
الخر.
إن الحتكاك بين المسلمين والمسيحيين عألى الحدود ،كان منأفذا واسعا للتعرف عألى ثقافة الخر،
ومحاولة تقليده في اللغة واللباس والعادات وغأيرها.
وفي هذا الصدد يقول العلمة خوان فيرنأيت Juan Vernetمتحدثا عأن أثر العرب في الدب
والفن بأن بعض هذا الثر يبرز في الموشحات لكنأه أبرز ما يكون في الشعر الرومانأثي .يقول ":إن
واسطة التواصل بين العرب والسبان هم المستعربون والمدجنأون ،وكذلك المطرودون والمنأفيون Los
Renegadosمثل الشاعأر الشعبي ،El Juglar Garcia Fernandezوكذلك اللجئون إلى غأرنأاطة
مثل الراهب الفرنأسسكانأي ،Fray Alonso De Millaأو لجئون إلى تونأس مثل الراهب Anselm
6
بل إنأنأا نأعثر فيها أحيانأا فيها عألى قصص ل يمكن أن نأجدها في مكان آخر غأير إسبانأيا ،يقول
الباحث Evelyns Procterوذلك ما يتعلق ببعض ) Almogavaresالمغاورين( من شريش الذين
قرروا إهداء مريم العذراء لباسا أو زيا خاصا بالمسلمين . Arrebatado a Los Morosوما يلفت
النأتباه هنأا ،أنأها تشبه العادة إسلمية التي من أبرز تجلياتها كسوة الكعبة ،والكسى التي تقدم لضرحة
الولياء والصالحين.
ونأفس الملحظة تسري عألى "أغأنأيات" ألفونأسو العالم تعرض مزارات العباد والصالحين ،وتمدح
معجزات العذراء ،فهي تذكرنأا بالمداح النأبوية ،كما تذكرنأا بأزجال الصوفي الهائم السائح الششتري.
إضافة إلى العأياد المشتركة التي كان يحتفل بها المسيحيون والمسلمون معا مثل عأيد القديس سان
خوان.
Fronterizosما هي سوى محاكاة لبيات شعرية مكونأة من ستة عأشر مقطعا ) (Silabasبفاصلة
أوقفة في الوسط ).(Censura
1
-بواسطة فورنأياس ص 207
7
إل أن معظم المستعربين المتخصصين في الموضوع فنأدوا هذا الرأي بل ذهب بعضهم إلى تقديم
النأماذج التي يبرز فيها الثر العربي وتورد المستعربة السبانأية المعاصرة Ma. J. Rubiera Mata
في كتابها الهام " Literatura Hispanoarabeالدب النأدلسي" في الفصل الخير من كتابها
المعنأون " الثر العربي في الشعر السبانأي تشير المؤلفة إلى ما انأتهت إليه في الفصول السابقة من
الكتاب ،حيث درست أثر موضوعأات وأشكال فنأية مثل الخرجات العأجمية الرومانأثية ووجودها في
الموشحات النأدلسية مشيرة إلى أن أشكال من التواصل كانأت قبل استيلء المسيحيين عألى مدينأة بربشتر
في القرن الحادي عأشر ،الشعر البروفنأصالي أمثال الجواري إضافة إلى الدور الذي قامت به السيرات
والمغنأيات المسلمات في بلطات أروبية..إلخ.
تقول الباحثة إن جذور أو حضور الشعر العربي في الشعر الغنأائي القشتالي ،يرجع إلى
نأصوص تنأتمي إلى القرن الحادي عأشر الميلدي والتي توجد في San Marcial de Limogesفي
لغة أوكستانأا وموجهة نأحو صلة مارية Santa Mariaوتبدأ هكذا في أبيات رباعأية :
Mei amie e mei fiel1
» Laisat estar lo « gazel
Aprendet u so moel
De virgene Maria
وترجمتها بالعربية:
يا أصدقائي وخلصائي
دعأوا التغنأي بالغزل
وتعلموا لحنأا جديدا
من العذراء مارية.
تعلق الباحثة قائلة إنأه"مهما ينأكر أعأداء التأثير العربي بأن يغيروا كلمة الغزل فإن المضمون
يبقى واحدا .وتضيف الباحثة أن الشعر العربي كان نأموذجا للحتذاء والتقليد ) (de modaمن طرف
الشعراء الشعبيين خاصة.
بل إنأه إذا كان حضور الشعر العربي عأاديا في الجانأب الخر من جبال البرانأس ) الشعر
البروفنأصالي /التروبادور( فإنأه أولى أن يحضر في شعر الجزيرة اليبيرية .إن هذا التأثير تقول الباحثة
عأميق جدا وواسع ولنأأتي فقط بمثالين ،تقول :الول ،التأثير الكبير الذي يمكن أن تلقيه خرجة عأربية
عأامية والتي حللها غأرسية غأومس:
Quabi biqualbi
Quabi arabi
وترجمتها :قلب بقلبي
1
مرية حإنسوس روبيسيرا :مرجع مدكور ،ص - 2361
8
قلبي عأربي
Mi corazon esta en un corazon
Mi corazon es arabe
هذه الغأنأية غأنأاها الموسيقي ) Salinasالقرن السادس عأشر( قائل إن هذا اللحن استخدمه في
أغأنأيته ) للملك ألفونأسو( El Rey Alfonso
أما المثال الثانأي الذي تورده مارية روبييرا Rubieraفهو الصل العربي للغأنأية الشعبية
البلدية ) (Villancicoوأغأنأية العربيات الثلث Tres Morillas
Tres morillas me enamoran 1
En jaen
Axa fatima y mariem
Tres morillas tan garridas
Iban a coger olivas
Y hallabanlas cogidas
Y tornaban desmaidas
A las colores perdidas
En jaen
Axa fatima y meriem
ويترجم د .حسين مؤنأس في تاريخ الفكر النأدلسي هذه الغأنأية بما يلي وهي موجودة أيضا في
:Cancionero de Palacio
2
عأشقت ثلث فتيات عأربيات
في جيان
عأائشة فاطمة ومريم
ثلث عأربيات بالغات الجمال
ذهبن يجمعن الزيتون
فوجدنأه قد جمع في جيان
عأائشة وفاطمة ومريم
ثلث عأربيات فياضات بالحيوية
ذهبن يجمعن التفاح
فوجدنأه قد جمع في جيان
عأائشة وفاطمة ومريم
1
مرية .خ .روبيرا ،نأفس لمرجع والصفحة- 1.
- 2تاريخ الفكر النأدلسي ص 628 - 627
9
قلت لهن :من أنأتن أيتها الفتيات اللئي سلبنأنأي حياتي؟
فقلن مسيحيات وكنأا عأربيات في جيان
عأائشة وفاطمة ومريم...
تقول الباحثة إن هذه الغأنأية الشعبية أو البلدية لها نأواة عأربية .كما أن تركيبها زجلي محظ كما
أكد ذلك بيدال بل تضيف مثل آخر مستقى من )ديوان القصر( زجل عأربيا وبأسماء عأربية وهو:
? Quien os habia de llevar
! oxala
! Ay, fatima
Fatima la tan garrida
Llevaros he de sevilla
Teneros he por amiga
! oxala
!! Ay Fatima
وتقول المستعربة مارية خسوس روبييرا :إنأه من المعتاد أن يتم التصال ) (Contactorبين
الشعراء الجوالين من الجانأبين وقد تحقق هذا التواصل بين شعراء كانأوا في الصل مسلمين ومتشبعين
بالثقافتين العربية والقشتالية يتغنأون بشعر سردي قشتالي ،وبهذا وحده يمكن تفسير القصيدة الشعبية
الثغرية Romance de Abenamarالمشبع والمليء بالعنأاصر العربية؛ إنأها قصيدة ثغرية أصيلة
من نأتائج وامتزاج وعألقة الثقافتين معا العربية والسبانأية.
ومعروف قيمة هذا الرومانأثي التاريخية ،وهو يعكس التقاء الملك دون خوان في حملته عألى
غأرنأاطة سنأة 1431بالملك النأصري بن المول الذي ذهب إلى ملك قشتالة لتقديم خدمته ليعينأه ضد الملك
العأسر وإن كانأت الباحثة ترى أنأه من الغرابة أن ينأادي ابن المول بابن الحمر ،وأنأه مجرد صياغأة
فنأية واختراع شعري وإن كان ينأتمي إلى ابن الحمر مؤسس المملكة .و للنأشودة كذلك قيمة وثائقية فيما
يخص المكان :الحمراء الجامع ،القصور ...
إضافة إلى أنأها قصيدة مليئة بالتنأاص العربي وبالتعالق النأصي.
Abenamar, Abenamar
Moro de la Moreria
?Que castillos son aquellos
! I altos son y relucian
تعلق الباحثة قائلة إن وصف القصور في الشعر العربي ينأصب عألى ارتفاع هذه القصور
وإضاءتها .وتتساءل من هو El Rey Andalusi؟ ل شك تقول أنأه دون خوان الثانأي ملك غأرنأاطة.
10
كما أن مخاطبة دون خوان لغرنأاطة كعروس يتودد إليها ويخطب يدها ...إلخ ،هي صورة
عأربية ل توجد في الداب الوروبية ،وكثيرا ما ترد في الشعار العربية النأدلسية منأها :شعر المعتمد
بن عأباد في قرطبة.
ومن مقاطع هذه النأشودة:
Pedí en matrimonio a Córdoba la bella
Cuando había rechazado a los que pretendía
Con espadas y lanzas…etc.
تعلق الباحثة إن هذه النأشودة الثغرية " "Abenamarتقصد المكتوب بالقشتالية خاصة في هذا
القسم من وصف غأرنأاطة بالعروس التي يتودد إليها ،أنأها قصيدة عأربية والذي كتبها كان يعرف
الساطير ما قبل السلم ،ويعرف وصف القصور من خلل القصائد العربية ،ويعرف صور العشق
والحب في الشعر العربي .مسلما كان أو مرتدا ثغريا ينأتمي لثقافتين.
لقد امتد التأثير العربي في الشعر السبانأي عأبر جميع العصور إلى عأصرنأا الحالي .فبيدال يذكر
أنأه إلى عأهد قريب عأثر عألى قصائد رومانأثية في إسبانأيا كما في المغرب ،في طنأجة خاصة ،حيث
مازال بعض اليهوديات النأدلسيات المسنأات ينأشدن هذه الشعار.
ومن الشعراء المتأثرين بالرومانأثي في العصر الحديث الشاعأر الغرنأاطي فيديريكو غأارثيا لوركا
ومانأويل متشادو وهو من جيل - 1927وكان للنأدلس مكان في شعرهم -يقول:
Yo soy como estas gentes qui a mi tierra vinieron1
La raza mora vieja amiga del sol
Que todo lo ganaron y todo lo perdieron
Tengo el almo de nardo del árabe español
ومن الدلة المباشرة عألى وجود تلك الشعار الشعبية بين المسلمين في النأدلس "مرثية بلنأسية"
للوقشي حيث أكد أرغأوطي دي مولينأا في دراسته أن المسلمين لم يكونأوا ينأظمون النأاشيد والشعار
بالعامية فقط ،بل كانأوا يغنأون بلغتنأا الرومانأثية ،كما أن المسيحيين كانأوا أيضا يكتبون أبياتا بالعربية.
وقد أيد العالم اللغوي المعروف فدريكو كوريينأتي هذا الطرح في دراسته لمرثية بلنأسية .وهذا يؤكد
الطروحة التي تقول بالصول العربية للرومانأثي خاصة الموريسكي ،ولقد أكد فون شاك قبل هذا بكل
حماس وجود شعر عأربي عأامي في النأدلس ،ل يخضع للنأحو والعأراب ،وقد كانأت هذه اللغة مفهومة
من طرف المسيحيين الذين يعرفون لغة خصومهم ،وياتي بشواهد عأديدة ،منأها شعر الراهب juan
Ruizراهب هيتا الذي يوضح بكل بساطة أن هذا الشاعأر لم يكن يفهم الغأانأي الشعبية العربية بل كان
يحاكيها وينأسج عألى منأوالها.
وهذا أيضا ما تؤكده دراسات المستشرق البلجيكي جاك كرانأد هنأري من جامعة لوفان لنأوف.
11
الشيء الذي أدى إلى القول ،لدى معظم الباحثين ،أن النأاشيد الموريسكية أنأشأت بداية بالعربية من
طرف شعراء شعبيين ثم ترجمت إلى القشتالية ،معللين ذلك بما تتضمنأه هذه النأاشيد من عأنأاصر عأربية
إسلمية وما تعرفه من تصوير لحاسيس المسلمين ومشاعأرهم وعأاداتهم وأكثر من ذلك لتعاطف الشاعأر
الشعبي القوي مع المسلمين.
نموذج تطبيقي:
ملعبة الكفيف الزرهوني وقصيدة الفونسو XI
إن مظاهر التفاعأل اللغوي والفنأي بين العنأاصر العربية والقشتالية عأديدة في هذه القصائد
الحدودية ،وقد أنأجزت دراسات عأديدة وهامة يصعب إحصاؤها في هذه المداخلة ،خاصة من طرف
السبان؛ وأشير فقط إلى أبحاث خوليان ريبيرا ورامون .م .بيدال ومنأدث بليو ،دييغو كتلن وماريا
صوليداد كراسكو..وآخر هذه العأمال البحث القيم الذي قدمه المستعرب الغرنأاطي خوسيه مارية
فورنأياس )ونأشر في كتاب بعنأوان دراسات نأصرية( الذي تشرف عأليه جامعة غأرنأاطة؛ والبحث بعنأوان
"أغأانأي الحدود والشعر العربي ،تأملت جديدة في فرضيات قديمة" )Romances fronterizos y
(.poesía árabe, nuevas reflexiones sobre viejas hipótesis
فهو يعيد النأظر من جديد في نأشأة الرومانأثي وأصوله ،وينأاقش تلك الطروحات التي تقول
بنأشأته الرومانأية والجرمانأية ،وتلك التي تقول بأصوله العربية والموريسكية ،والثالثة التي تذهب إلى أنأها
مزيج من العربية العامية والرومانأثي ،وهو الرأي المرجح لدى معظم الباحثين ) ما عأدا القلة القليلة جدا
عألى رأسهم المستعرب الهولنأدي رينأهارت دوزي(.
إن الذي جعل موضوع قصائد الحدود يعود إلى الواجهة عأنأد فورنأياس هو ظهور معطيات
جديدة ومنأها العثور عألى نأص قصيدة طويلة من خمسمائة بيت مكتوبة بالعامية المغربية -النأدلسية،
تنأتمي إلى القرن الثامن الهجري )الرابع عأشر الميلدي( وهي "ملعبة الكفيف الزرهونأي" العنأوان الذي
أطلقه عأليها الدكتور محمد بن شريفة محقق الملعبة ،أو "الزجلية الكبرى" كما سماها المستعرب غأرسية
غأومس؛ ففي رأي هذا المستعرب أن "ملعبة الزرهونأي" تمنأح فرصة جديدة للباحثين لستكشاف آفاق
جديدة في البحث في هذا المجال .وقد مكنأته هذه القصيدة من إعأادة النأظر في
الفرضيات القديمة لدى بعض الباحثين فيما يخص المكونأات العربية في القصائد الثغرية ،أول ،وثانأيا
وهذا هو الهم بالنأسبة للباحث؛ محاولة الجابة عألى السؤال الذي شغله وشغل جميع الباحثين :هل
وجدت قصائد شعبية عأربية موازية لقصائد الحدود Romancesالقشتالية ؟
12
الملعبة قصيدة طويلة تصل أبياتها إلى خمسمائة بيت ،وهي أطول قصيدة زجلية مغربية في
رأي الدكتور محمد بن شريفة ،منأظومة عألى وزن عأروض البلد ،وهو مصطلح مغربي صرف؛ عأبارة
عأن مزدوجات شعرية.
وهي قصيدة تاريخية طويلة ،ملحمية المنأزع ،تصف حركة السلطان أبي الحسن المرينأي إلى
بلد إفريقية )ما بين سنأتي 1347و (1350لمحاربة العأراب ،وهزيمة جيشه بالقيروان...
أما صاحبها فهو شاعأر ضرير من مدينأة زرهون حسب ابن خلدون ،وقد توفي في حدود سنأة
1350م؛ يقول ابن خلدون" :ثم استحدث أهل المصار بالمغرب فنأا آخر من الشعر في أعأاريض
مزدوجة كالموشح ،نأظموا فيه بلغتهم الحضرية أيضا وسموه عأروض البلد ،وكان أول من استحدثه فيهم
رجل من أهل النأدلس نأزل بفاس يعرف بابن عأمير ...وكان منأهم عألي بن المؤذن بتلمسان ،وكان لهذه
العصور القريبة من فحولهم بزرهون من ضواحي مكنأاسة رجل يعرف بالكفيف ،أبدع في مذهب هذا
الفن.
ومن أحسن ما عألق له بمحفوظي قوله في رحلة السلطان أبي حسن وبنأي مرين إلى إفريقية ،يصف
هزيمتهم بالقيروان ،ويعزيهم عأنأها ،ويؤنأسهم بما وقع لغيرهم بعد أن عأيبهم عألى غأزاتهم إلى إفرقية في
ملعبة من فنأون هذه الطريقة يقول في مفتتحها وهو من أبدع مذاهب البلغأة ...ويسمى براعأة الستهلل:
ونأواصيها في كل حين وزمان سبحان مالك خواطر المرا
وإن عأصينأاه عأاقب بكل هوان إن طعنأاه أعأظم لنأا نأصــــرا
وبعد اكتشاف هذه الملعبة قام المستعرب غأرسية غأومس بعقد مقارنأة بينأها وبين قصيدة طويلة أو
بالحرى ملحمة مشابهة لها باللغة القشتالية -الجليقية -البرتغالية ،وهي قصيدة الفونأسو الحادي عأشر
لرودريغو يانأييث والتي قيلت أيضا في حرب الفونأسو XIضد السلطان أبي الحسن المرينأي في معركة
طريفة جنأوب النأدلس ،وفيها يصف الستعداد الحربي ،ووقائع وأحداث المعركة والنأتائج التي أسفرت
عأنأها ...في أبيات رباعأية مقفاة ،عألى الوزن الزجلي النأدلسي .وقد تبين للمستعرب غأومس أن أوجه
التشابه بين القصيدتين كبير جدا؛ فلغة الملعبة عأامية ومتطابقة مع العامية النأدلسية .وقد عأدد الدارس
عأددا من الوجه المشتركة بين القصيدتين من أهمها:
-أن كلتا القصيدتين منأظومتان طويلتان.
-أنأهما لمؤلفين عأاصرا الحداث التي يسردانأها والوقائع التي يحكيانأها.
-أنأهما يذكران أحيانأا نأفس الشخصيات المعاصرة لهما؛ فهنأاك اشتراك في ذكر بعض البطال،
وأسماء شخصيات قامت بأدوار كبيرة في تلك الحداث...
-كلهما مزج بين الشعر والتاريخ ،وكانأتا مرجعا لمن جاء بعد ذلك من المؤرخين لتوثيق الكثير
من الحداث والوقائع...
13
طبعا مع بعض الختلف في السياق العام .ويضيف المستغرب فورنأياس إلى ما ذكره غأومس من
أوجه التشابه بين القصيدتين أمرين آخرين:
-تلك الصورة اليجابية التي تقدمها عأقيدة الفونأسو XIعأنأدما تسرد الحداث الخاصة بالمغرب
رغأم الصراع السياسي بينأهما.
-تلك الوصاف الدقيقة والتفاصيل واللوان كل هذا يوحي -يقول فورنأياس -كأنأه كان-صاحب
قصيدة الفونأسو - XIينأظر إلى كتاب عأربي أو أثر أو قصيدة عأربية قرأها ...
إضافة إلى هذا ،فإن مصطلحات "كملعبة " و " هزل" ،و"أهزال" حسب ابن خلدون ،في
تعريف هذا الفن لها نأفس المدلول حسب غأومس:
فيما يتعلق بـ Juglarersالمشتقة من ) Yuglar1أي اللعب والهزل( عأنأد ابن خلدون وابن شريفة تعنأي
اللعب بالقوافي فـ Juglarersفي اللتينأية تعنأي نأاظمو الرومانأثي أي تلك القصائد الشعبية ،لشعراء
2
متجولين يكسبون عأيشهم من إنأشادها مصحوبة بالغنأاء ،في الغالب.
كما يلحظ فورنأياس بدوره أن وزن الملعبة هو نأفس الوزن السائد في النأدلس قبل الزرهونأي،
وهو نأفس الوزن في الشعر السبانأي الشعبي ابتداء من القرن ،XVوهو نأفس الوزن في أغأانأي السيدة
العذراء أثنأاء الحتفالت التي ترافق ظهورها وتجلياتها المختلفة )الحتفالت في منأطقة اشبيلية بظهور
السيدة العذراء .(Vergen Del Rocio) :
كل هذه المعطيات وأوجه التشابه بين "ملعبة الزرهونأي وقصيدة الفونأسو XIجعلت المستعرب
الغرنأاطي فورنأياس يستنأتج أن ملعبة الزرهونأي تلقي أضواء جديدة بل تؤكد فرضية تشابه إن لم نأقل -
حسب فورنأياس -وحدة بين الشعر الشعبي العربي )الزجل( ،والشعر الشعبي السبانأي Romances
سواء في اللغة أو الوزن واليقاع؛ فتأثير الوزن واليقاع واضح في رومانأثي الرباعأيات والثمانأيات .
ويضيف" :إن الشعر السبانأي الشعبي نأشأ في حميمية العلقة بينأه وبين الشعر العربي الزجلي"،
خاصة وأن الملعبة نأظمت أواخر العهد المرينأي وهي نأفس الفترة التي ازدهر فيما الرومانأثي في
غأرنأاطة وعألى حدورها )(XIV
خلصات عامة
نأخلص مما سلف ذكره إلى ما يلي:
14
أول :إن مظاهر الحتكاك بين الشعبين النأدلسي والسبانأي ،كان قويا جدا .وأن قنأوات التواصل
بين الجانأبين عأديدة ...أبرز تجلياتها اللغة الشعبية المشتركة التي ترجمت إلى أنأاشيد الحدود أو الشعر
الرومانأثي ،يجمع عألى ذلك معظم الباحثين المتخصصين في الموضوع آخرهم خوسيه مارية فورنأياس
الذي قال :إن حدود غأرنأاطة لم تكن من قبيل حائط برلين ،فقد كانأت حدودها مرنأة ،وفوق أرضها وعألى
حدودها عأاش وتواجد مجموعأة من الشخاص ذوي المعارف المتنأوعأة ،يعرفون جيدا اللغتين العربية
والسبانأية ،شاركوا في كثير من الوقائع والحداث ،وعألى هذه الرض وجد شعراء ذوو إحساس مرهف
ودبلوماسيون ومغنأون ...مسلمون ومسيحيون وكانأت لهم نأفس القيم الخلقية كقيم الشرف والنأبل والحب
والتعاطف ..وقد دافع كل الطرفين من أجلها.
ثانأيا :أن الصراعأات السياسية والدينأي ل تحول أبدا دون التواصل الثقافي بين الشعوب وإبداع
فن مشترك هو ما اصطلح عأليه هنأا بأنأاشيد الحدود .Romances Fronterizos
ثالثا :اكتشاف ملعبة الزرهونأي وربما نأصوص أخرى ،قد يلقي أضواء جديدة عألى هذا الفن
الشعبي المكتوب بالعربية ومدى العلقة بينأه وبين الرومانأثي المكتوب بالقشتالية الشيء الذي يبرز أن
موروثنأا الثقافي متعدد الروافد والمنأابع المعرفية ومن واجبنأا الوعأي بالبحث عأن الجذور المشتركة بين
الثقافات كمنأطلق للوصول إلى حوار أكثر تحضرا بين الشعوب.
15
-تاريخ الفكر النأدلسي ،غأونأثالث بالنأثيا ،ترجمة حسين مؤنأس ،القاهرة .1955
-دراسات أنأدلسية في الدب التاريخ والفلسفة ،حرر بعضها وترجم البعض الخر الطاهر مكي ،دار
المعارف ،القاهرة ،ط.1987 ،3.
-الشعر النأدلسي ،بحث في تطوره وخصائصه ،إميليو جوميث ،ترجمة حسين مؤنأس ،دار الرشاد،
القاهرة .2005
-فيض العباب ،ابن الحاج النأميري ،تحقيق محمد بن شقرون ،دار الغرب السلمي.
-مسلم غأرنأاطة في الداب الوروبية ،ماريا سوليدا أورغأويتي ،ترجمة شيرين الرفاعأي ،مراجعة جمال
عأبد الرحمن ،المجلس العألى للثقافة ،مصر .2005
-المغازي ،صلح فضل ،مكتبة الدراسات الشعبية ،القاهرة ،ط.1992 ،1.
-مقدمة ابن خلدون ،عأبد الرحمن بن خلدون ،دار الكتب العلمية ،بيروت ،ط.2003 ،8.
-ملحمة السيد ،الطاهر مكي ،دار المعارف ،القاهرة ،ط.1995 ،4.
-ملعبة الكفيف الزرهونأي ،تحقيق محمد ابن شريفة ،المطبعة الملكية ،الرباط.1987 ،
-نأبذة العصر في أخبار ملوك بنأي نأصر ،مؤلف مجهول ،ط .ألفريد البستانأي ،العرائش.
مراجع بالسبانأية:
- literatura espano arabe, m. jesus rubiera mata, madrid
1992.
- Romances fronterizos y poesia arabe, neuvas reflexiones
sobre viejos hipótesis, José maforneas.
- Flor nueva de romances viejos, Menéndez pidal, buenos
aires 1967.
- Gran cronica Alfonso XI, Rodrigo yariez, edicion diego
catalan.
-
16